الشركة الوطنية لصناعة الألمنيوم والبروفيلات.. قصة ريادة فلسطينية نابكو.. عودة الفينيق!

حصتها أكثر من ثلث حجم السوق رغم العراقيل والاستهداف: ممنوع عليها استيراد الأحماض.. ومحاصرة في موادها الخام.. ومقرها أغلق بالمكعبات الاسمنتية.. وخسائرها في الانتفاضة نصف رأس مالها
تبرعاتها ضعف أرباحها.. وتشغل 200 موظف.. وجودة البيئة والمنتج شاغل إدارتها
حياة وسوق – نائل موسى
تزهو الشركة الوطنية لصناعة الألمنيوم والبروفيلات (نابكو) بكونها الشركة الوطنية الرائدة والوحيدة في هذه الصناعة المتكاملة الثقيلة في الأراضي الفلسطينية، وتفخر بإنتاجها المطابق للمواصفات والمقاييس العالمية، لكن الاستثمار في الجودة يبقى بعد نحو عقدين على تأسيسها الهاجس اليومي والهدف الدائم على جدول أعمال إدارتها.
ويقدم مدير عام (نابكو) م. عنان هشام عنبتاوي توصيفا شاملا ورائدا للجودة التي تستهدفها شركته يبدأ بإتباع احدث النظم الإدارية واستقدام المعدات المتطورة، ويتعدى حدود جودة المنتج العالية إلى جودة البيئة، ولا ينتهي عند توفير أعلى مستويات الصحة والسلامة العامة في بيئة تحفها النظافة التامة.
وتستحوذ (نابكو) اليوم على حصة سوقية تناهز 35% من إجمالي حجم السوق الفلسطينية المشرعة دون رقيب لواردات غير مراقبة الجودة رغم إنها تنافس في صنف واحد بعد أن عرقلت إسرائيل بذريعة أمنها تشغيل خط الطلاء بالأكسدة الذي يعد الاستثمار الأكبر في الشركة. رغم ذلك، باعت (نابكو) عام 2011 نحو 5 آلاف طن من الألمنيوم غير المطلي أو المدهون بالبودرة، بقيمة 21 مليون دولار، ذهب 30% منها لتجار اسرائيليين، وهو ما يؤكد قدرة (نابكو) الكامنة على النمو والمنافسة.
بداية واثقة
تأسست الشركة الوطنية لصناعة الألمنيوم والبروفيلات (نابكو) عام 1991، في نابلس، برأسمال فلسطيني 100%، وحصلت عام 1993على ترخيص مما كان يعرف بالإدارة المدنية الإسرائيلية، تحول إلى ترخيص فلسطيني مع قدوم السلطة الوطنية، لتبدأ الشركة في حزيران من عام 1995 العملية الإنتاجية بخط يتيم للسحب أو “البثق” وهو تحويل المواد الخام إلى مقاطع ألمنيوم صالحة للصناعات الإنشائية والديكورات الداخلية، وتمكنت في العام التالي من توزيع إرباح على المساهمين.
 وشهدت (نابكو) في عام 1996 نقلة استراتيجية كبيرة بدخول الشركة العربية الفلسطينية للاستثمار “ابيك” كشريك استراتيجي جديد ضخ رأسمال إضافيا لاتمام صناعة الألمنيوم بكافة مراحلها تحت سقف المصنع، حيث وصل رأس مال الشركة الى 20 مليون دولار أميركي.. وبهذه الأموال يقول م. عنبتاوي ان الشركة استكملت خطوط الإنتاج بخط الدهان بالبودرة، والدهان بالأكسدة، وخط صهر الألمنيوم لإعادة تدويره.
عبقرية المكان وتحدياته
تقوم (نابكو) على رابية خضراء مساحتها 28 دونما من أراضي بيت ايبا المصنفة وفق تقسيمات اتفاق أوسلو الانتقالي منطقة “ب” غير بعيد عن مفترق قوصين القرية الجارة للمصنع، ومنها يطل المصنع متربعا على مشهد طبيعي أخاذ.
وترافق النظافة اللافتة التي تحف المكان الزائر في سائر مباني المصنع ومختلف خطوط الإنتاج التي يكاد المتجول يسمع همس آلاتها العملاقة. وبخلاف المعهود عن أجواء المصانع وروائحها وضجيجها، لا شيء يشي بأنك في مكان عمل غير أكداس المواد الخام والمخرجات المصنعة وحركة الرافعات والعمال يرتدون ادوات معدات السلامة.
انتظر مدير عام الشركة انتهاء الجولة على مختلف الاقسام وخطوط الانتاج العاملة منها والمعطلة بفعل الاحتلال، بما فيها المستقدمة خصيصا لتحقيق التميز لعملاء الشركة في ما يبتاعون وتوفير اعلى مواصفات الجودة، وفي مكتبه الذي يجمع بين الأناقة والبساطة سرد حكاية النجاح من احلك مراحلها، من عام 2000.
 يقول م. عنبتاوي : “حينها (عام 2000) لم تكن كامل الخطوط الإنتاجية مكتملة التوريد، وبدأت الانتفاضة الثانية ودخلت الشركة في دوامة خسائر متصاعدة بسب الحواجز التي واصلت إغلاق مدينة نابلس على مدى 8 سنوات. عانينا صعوبات اكبر من أن ترسم بالكلمات. المواد الخام والبروفيلات المنتجة تنقل على الدواب والجرارات الزراعية. وتخللت هذه المدة العصيبة سنتان لم يتمكن الموظفون فيها من الوصول الى الشركة للعمل، وبالتالي توقفت العملية الإنتاجية تقريبا. قوات الاحتلال اغلقت بوابة المصنع بالمكعبات 3 سنوات بذريعة ان جهات أخرى تستخدم الشارع غير موظفي المصنع، وأزيلت المكعبات قبل سنتين فقط عندما حولت المنطقة من (ج) الى (ب)”.
صحوة طائر الفينيق
وفي عام 2005، بدأ الشريك الاستراتيجي اعادة هيكلة مالية وإدارية وحتى صناعية، وفي عام 2006 حققت الشركة آخر الخسائر، التي ناهزت الـ 800 ألف دولار، ما رفع اجمالي الخسائر في تلك الحقبة الى 10.5 مليون دولار، ما يعني ان الشركة خسرت اكثر من نصف رأس المال.
رغم ذلك، اشترت الشركة في عام 2006 خط انتاج متخصص بانتاج ألمنيوم بلون خشبي، وبه اكتملت صناعة الألمنيوم الذي يباع في فلسطين والدول المجاورة اما مطليا بالبودرة او مطليا بالكهرباء “الألمنيوم المؤكسد”.
وفي عام 2007، أخذت الشركة قرارا بإعادة التفعيل صناعيا، لا سيما بعد انقطاع عمل الشركات التي وردت خطوط انتاج دون ان تكتمل، وافلحت (نابكو) في إعادة الخبراء مجددا وإعادة هيكلة وصيانة كل الخطوط وضخ أموال جديدة وتحديث الخطوط الإنتاجية.
يقول م. عنبتاوي: “جاء ذلك في صلب استراتيجية جديدة بنيناها للعودة الى السوق مرة أخرى حتى وان كان ذلك ضمن معادلة ان ندخل السوق وننافس على 50% فقط من حجمه، كون البضاعة المؤكسدة لم تعد بايدينا، فيما سمح الاستيراد من الأردن ومصر وإسرائيل وتركيا والصين ولم يعد بوسعنا المنافسة الا في الألمنيوم المطلي بالبودرة وفي سوق مفتوحة، وحققنا حصة سوقية تقدر الان بـ 35% من حجم السوق رغم اننا ننافس في صنف واحد”.
وارتفعت مبيعات الشركة تدريجيا من عام 2007 حيث كانت في حدود 1800 طن بقيمة تقدر بنحو 6 ملايين دولار، لتبلغ مع نهاية العام 2011 المنصرم نحو 5000 طن بقيمة 21 مليون دولار.
يقول م. عنبتاوي: “وبالتوازي، اعتمدنا استراتيجية لدخول السوق الإسرائيلية، ومشكلتنا هناك هي (شهادة التيكن)، فالجانب الإسرائيلي لا يعترف بشهادة المواصفات والمقاييس الفلسطينية، وهي قريبة جدا للمواصفة الإسرائيلية ان لم تكن مطابقة لها، ما أجبرنا على توريد الألمنيوم غير المطلي لتجار إسرائيليين بكميات تعادل نحو 30% من مبيعات الشركة. نحن نزود المداهن الإسرائيلية بشغل، وفي هذه الحالة نخسر مرتين، الأولى بفقدان الربح أو تحقيق هامش ربح ضئيل، والثانية بأن ما نبيعه هناك لا يحمل علامتنا التجارية بل يختم بخاتم تلك المداهن، وهي اقل جودة مما لدينا وبذلك نفقد هويتنا التجارية فيما تباع بضاعتنا بعلامتهم بفارق كبير يصل الى 10 شواقل لكل كيلوغرام، وذلك بفعل ختم التيكن الإسرائيلي”.
حصار في المواد الخام
ويعود م. عنبتاوي الى عام 2000 عندما حرم الاحتلال (نابكو) بشكل تعسفي ومفاجئ من استيراد المادة اللازمة لعملية الطلاء بالأكسدة، وهو الاستثمار الأكبر في الشركة بقيمة 6 ملايين دولار، بمزاعم أمنية واهية، مدعيا ان مادة حامض الكبريتيك ذات استخدام مزدوج، ويمكن ان تدخل في صناعة المتفجرات. وكان خزان المادة جافا في المكان المخصص للطلاء بالاكسدة، وهو قسم يشكو صمت آلات كلفت اموالا طائلة. وقال عنبتاوي: “عانينا الأمرين وبذلنا جهدا ومالا لتنظيف المكان من السوائل التي تحجرت او كادت”، واللافت ان هذه المادة تستخدم في المصانع الإسرائيلية والاردنية وغيرها في صناعة الألمنيوم وصناعات اخرى، بل وتستخدم المادة في الأراضي الفلسطينية ذاتها، خارج نابلس، رغم انها ممنوعة عن (نابكو). ويشير المدير العام الى مصانع افتتحت حديثا تستخدم ذات المادة الممنوعة عن (نابكو)، ويسمح لها بإدخالها، ما يدفعه للاعتقاد حتى الجزم بوجود مؤامرة تستهدف المصنع وإنتاجه لأسباب أخرى عديمة الصلة بذرائع الأمن الواهية.
وكثيرا ما طالبت (نابكو) سلطات الاحتلال، من خلال الدوائر الفنية في السلطة الوطنية، بإدخال المادة، دون جدوى. عن ذلك يقول مديرها العام: “قدمنا شرحا تفصيليا للعملية الإنتاجية وأبدينا موافقة على ضبط المواد التي يجب ان يسمح لها بالوصول لإعادة تفعيل هذا الخط وابتياع ما يكفي لعملية الإنتاج فقط… دون طائل”.
صناعة صديقة للبيئة
وأكد م. عنبتاوي: “نحن في نابكو سلكنا طريقا مهما لدرايتنا وعلمنا بأن هذا النوع من الصناعة، وهي صناعة معقدة تستوجب استخدام مواد كيماوية، وحفاظا على صحة زملائنا وعاملينا وعائلاتهم أولا، وحفاظا على البيئة المحيطة ثانيا، وحرصا على ان نكون الأفضل عندما نقارن مع غيرنا، ومن منطلق ان جودة المنتج هي جزء من جودة بيئة العمل والبيئة المحلية، ورغم التكلفة المالية نعتقد الى درجة الجزم انه في النهاية لن يصح الا الصحيح، فنحن نؤمن انه في النهاية ستكون هناك قوانين تضبط الجودة والبيئة، لذلك نريد ان نكون السباقين”.
ويواصل م. عنبتاوي: “وفي اطار سياستنا وصداقتنا مع البيئة اقمنا داخل المصنع وحدة لمعالجة المياه العادمة لا يوجد مثلها في فلسطين لدى شركات عامة او خاصة وحتى في الشركات الفلسطينية التي  تعمل في مجال الأدوية ومواد التنظيف والصناعات وطلاء الالمنيوم. نحن ننفق 150 ألف دولار سنويا للتخلص من مخلفات هذه الوحدة بنقلها ودفنها في مكب النفايات المرخص في النقب وفق تصاريح خاصة من السلطات الإسرائيلية ولا نسمح بأن تتسرب أية مخلفات ضارة مهما بلغ ثمن معالجتها”.
ويلفت النظر في هذا الإطار إلى أن “ملف البيئة لا يلقى الاهتمام، للأسف، ويبدو أنه ليس ضمن أولويات السلطة الوطنية، فيما الاعلام الفلسطيني يمارس ردة الفعل اكثر من المبادرة، فهو يتحرك عند وقوع الفاجعة. وعدم الاهتمام مرده عدم وجود الفهم الكافي للموضوع، وغياب القوانين حول الصحة والبيئة. الاعلام يستخدم لتسويق فكرة او للهجوم على طرف دون التحقق من كون الامر شكوى كيدية او محاولة لالحاق ضرر تجاري بطرف لفائدة طرف آخر”.
ويواصل م. عنبتاوي: “نفخر في نابكو باننا حصلنا على الشهادة العالمية للصحة والسلامة المهنية  OHSAS 18001، ونحن الشركة الوحيدة اضافة الى كوكا كولا التي حصلت عليها في فلسطين، ما يعني ان سائر العمليات الانتاجة وكافة ما نقوم به في المصنع مطابق لمتطلبات السلامة العامة العالمية”.
تحرر اقتصادي
وتسعى مجموعة (ابيك) كهدف وطني اساسي لخلق فرص عمل تسهم في الحد من البطالة، وهي تشغل اليوم 1300 موظف بينهم 200 موظف في (نابكو).
يقول م. عنبتاوي: “نعتمد مبدأ الكفاءة الفلسطينية كأساس النجاح. ورغم ما عانيناه من خسائر كبيرة لم نحد عن هذا المبدأ، بل زدنا إصرارا على هذه الاستراتيجية التي تقوم على رفع كفاءة الموظف، وبناء مستقبل وطريق مهني واضح للموظفين داخل الشركات، واتباع خط بيئي والالتزام بمسؤولية اجتماعية واضحة، وعدم التهاون والتساهل في الجودة، ما ساعدنا في نقل قصص النجاح الى مواقع أخرى، لا سيما وقد حققنا ذلك مع الفريق تحت وطأة ظروف استثنائية، ما يعني ان هذه التجربة قابلة لأن تنجح في مكان آخر”.
وتظهر نابكو توجها استراتيجيا وطنيا لافتا للتحلل من نير التبعية الاقتصادية للاحتلال بالتوجه الواعي للاستيراد المباشر. يقول م, عنبتاوي: “الإسرائيلي يحاول عرقلة وإعاقة سعينا للاستيراد المباشر للمواد الخام وقطع الغيار والمواد التي تستهلك بشكل دائم.. ونحن نسعى للتحرر من التبعية للسوق الاسرائيلي عبر الاستيراد المباشر ولكننا نقع تحت رحمتهم في المعابر الدولية، حيث تخضع البضائع الى ما يسمونه فحصا أمنيا قد يطول لمدة 150 يوما، ما يكبدنا تكاليف باهظة تدفع لاستشارات قانونية او محامين إسرائيليين لمساعدتنا على تخلصيها ودفع أرضيات، إضافة الى كلفة قطع الغيار والأدوات المساعدة. هم يقولون انه لا يجوز السؤال عن سبب الحجز قبل انقضاء شهر، اضافة الى الاحتكار الذي تمارسه علينا الشركات الإسرائيلية”.
ويضيف: “الشركات العالمية التي نتعامل معها ليس لها وكيل في الأراضي الفلسطينية، وبالتالي تضطر السوق الفلسطينية للتعامل مع الوكيل الإسرائيلي لترتيب عملية الاستيراد، وبذلك يفرض الإسرائيلي أسعارا تحرمنا من القدرة على منافسة البضائع الإسرائيلية. اسعار الألمنيوم هي أسعار عالمية معروفة وتخضع للبورصة العالمية، لكنهم يفرضون علينا تكاليف إضافية اكثر مما يفرض على الشركات الإسرائيلية”.
قلق الطاقة
ارتفاع أسعار الطاقة والسماح باحتكارها امر يقلق نابكو، ويرى عنبتاوي “ان هذا احتكار يفقدنا الكثير.. ارتفاع أسعار الطاقة في فلسطين امر مزعج للغاية”. ويتذمر مدير عام نابكو من عدم وضع مواصفات واضحة من قبل مؤسسة المواصفات والمقاييس، ومن عدم إلزام البضائع المستوردة بإجراء فحوصات لإثبات مطابقتها او عدم مطابقتها للمواصفة الفلسطينية في سوق مفتوحة ابوابها على مصارعيها دون حسيب او رقيب.. ويعلق: “دخلنا متاهة الانضمام لمنظمة التجارة العالمية التي أصبحت السوق الفلسطينية بفضلها مكبا للنفايات دون انتباه للمواصفة وصحة المواطن. وفي مجال الألمنيوم تدخل بضائع لا تطابق أي مواصفة عالمية دون وجود آليات ومختبرات وأجهزة فحص”.
العطاءات الحكومية
ويرى م. عنبتاوي “ان النضال مستمر للحصول على توصيف لمنتجنا الوطني في العطاءات الحكومية حيث صدر كثير من القرارات دون رقابة ومتابعة. هناك توصيف دون تنفيذ في المشاريع، وفي ظل غياب واضح لأولوية المنتج الوطني وكيف يتم فهم هذه الأولوية في العطاءات الحكومية. دائما تجد نصا يقول: (المحلي او ما يعادله). وهو ما يفسره المقاول على ان ذلك يجيز له تركيب المحلي او ما يعادله، وبالتالي يستغني عن المحلي ويتجه الى ما يعادله لنواح تجارية دون النظر للجودة”.
احابيل غش
ويباع الألمنيوم في الاراضي الفلسطينية الى التاجر والمصنع والمقاول بالوزن، فيما يباع للمستهلك النهائي بالمتر، ما يعني انه كلما خف الوزن زاد هامش ربح المقاول. لذلك، يستخدم بعض المقاولين والتجار الألمنيوم من النوع الخفيف غير المطابق للمواصفات لزيادة ما يجنونه من أرباح.
ويرى م. عنبتاوي “ان المستهلك الفلسطيني مثقف ومطلع ومتعلم ويطمح الى جودة أفضل، والمشكلة هي ان الاحتلال يحد من التطور التكنولوجي، ولا يسمح بادخال الكثير من المعدات والآلات الى مصانعنا بذريعة إمكانية الاستفادة منها لتصنيع صواريخ او متفجرات، فهناك الكثير من من المساعي للحد من التطور”.
ويضيف: “رغم خسارتنا والأزمات المالية التي منينا بها سلكنا طريقا واضحا، وضخخنا اموالا كثيرة في هذه الشركة اعتمادا على مستقبل واعد في فلسطين، نحن لا يعوزنا ولا ينقصنا المال لاستيراد التكنولوجيا والمعدات المتطورة، لكن الاحتلال لا يسمح لنا باستيرادها، ويحرمنا من الاستفادة من الاتفاقيات الموقعة مع دول العالم… البضائع تمر عبر المعابر الإسرائيلية وهم لا يعترفون بأية اتفاقية مبرمة بين فلسطين والعالم، وهو ما يجعل التصدير عملية صعبة جدا”.
السوق العربية
رغم هذه التحديات، يؤكد م. عنبتاوي قدرة (نابكو) على غزو الأسواق العربية والمنافسة فيها، بالرهان على جودة وتميز منتجاتها، لولا أن عراقيل السياسة تقف في طريق هذا الانتشار. يقول المدير العام لـ(نابكو): “حقيقة ان اسرائيل تسيطر على المعابر تفرض علينا تحديات في أسواق عربية كثيرة. البضائع الفلسطينية، كما المسافر الفلسطيني، تحمل ختم مغادرة من المعابر التي تسيطر عليها اسرائيل، وهذا يسد أمامها أسواق دول عربية كثيرة”.
ويضيف: “كما أن حرماننا من استيراد آلات متطورة  ومن إدخال بعض أنواع المواد الخام يضر بفرصنا التنافسية في أسواق عربية أخرى، رغم تجربتنا المتميزة في التعامل مع هذا النوع من الصعوبات”.
ويكشف مدير عام (نابكو) ان شركته حاولت التعامل مع شركات عربية، للاستفادة من حقيقة ان 15% من الاحتياطي العالمي من الألمنيوم موجود في البلاد العربية، لكن دون جدوى في أغلب الأحيان. يعلق م. عنبتاوي بالقول: “يقولون انهم لا يريدون اي تماس حدودي لبضائعهم او وسائل نقلهم مع الحدود الإسرائيلية خشية ان تصل بضائعهم السوق الإسرائيلية”.
السياسات المالية والضريبية الجديدة
ومثل أغلب رجال الاعمال، يتبرم م. عنبتاوي من السياسة الاقتصادية للحكومة، ويقول: “رغم التراجع الاقتصادي وانسداد الأفق السياسي الا ان كثيرا من الشركات الفلسطينية تواصل مساعي التطور والنهوض بعجلة الاقتصاد الوطني وتطوير اقتصاد فلسطيني أرى انه يقوم على الصناعة قبل التجارة. وفي المقابل نرى سياسات مالية واقتصادية جديدة تضيف عبئا جديدا على كاهل القطاع الخاص. هذه السياسات تطلب منا ان نعمل وندفع دون ان تتيح الفرصة لنا لأن نعمل!! هل هذا ذكاء؟ أم أنه محاولة تحصيل دخل اكثر للحكومة حتى لو قادت تلك المحاولة الى إغلاق صناعات ومصانع؟”.
يضرب مدير عام (نابكو) مثلا على السياسات الحكومية المعنية بالإشارة إلى الضرائب المباشرة، كضريبة الدخل، والضرائب غير المباشرة، والرسوم الجديدة، والقوانين التي تمس القطاع الصناعي بشكل أساسي، ويضيف: “حتى قانون العقارات الجديد يزيد الكلفة برفع رسوم الوكالات وغيرها، وقانون الشركات مثل آخر، وكذلك وضع حد أدنى للأجور دون دراسة، بالتركيز على الاستحقاق الزمني فقط”.
بروتوكول باريس
في شأن آخر، يتساءل عنبتاوي: “إلى متى نرتهن الى بروتوكول باريس الاقتصادي الذي يتيح لإسرائيل التحكم الجائر بمصدر مدخلات الإنتاج، وبأسعار محددة، ومفروضة علينا، لا يمكن تجازوها او حتى محاولة ايجاد بديل لها، فيما معابرنا مشرعة للصناعات والبضائع الإسرائيلية والعالمية، ولا نستطيع نحن حتى ان نغير موردا واحدا؟؟”.
ويضيف: “تتلقى السلطة الوطنية عروضا مجزية، لكنها نبقى ملزمة بالاتفاقيات الموقعة. ورغم ان الطاقة مدخل أساسي يحتل الخانة الثانية ضمن قائمة كلفة الإنتاج، لا نستطيع، في فلسطين، تغيير مُوَرِّد الطاقة”.
مسؤولية اجتماعية عالية
وتبدي نابكو مسؤولية اجتماعية عالية وحساسية تجاه المجتمع المحيط توجت العام المنصرم بتقديم تبرعات فاقت ضعفي صافي ربح المصنع. يقول م. عنبتاوي: “نقدم في مجموعة     APIC  تبرعات لمختلف الشرائح وندعم بناء المساجد والكنائس والملاجئ للعجزة، وبناء مرافق خاصة للوزارات، كما ندعم التعليم، فنحن نساعد موظفينا وعمالنا في تعليم ابنائهم، ونتبرع بالألمنيوم لمراكز التدريب، ونقدم تبرعات للصناديق الوطنية في الداخل والخارج، فقد تبرعت المجموعة لصندوق الكرامة بـ 100.000 دولار، في وقت حققنا فيه صافي ارباح دارت حول 100.000 دينار أردني”.
ويواصل المدير العام: “نتعاون فنيا وتقنيا مع المؤسسات التعليمية والجامعات، ونستقبل المهندسين والطلاب المتدربين والدارسين، ونساهم في صيانة شبكات الماء والكهرباء في المنطقة، ونساعد المجالس القروية، ما يجعل (نابكو) الشركة الرائدة والوحيدة ليس في مجال الصناعة المتكاملة لمقاطع الألمنيوم فقط، بل ورائدة في مجال المسؤولية الاجتماعية، وفي حرصها على البيئة والنهوض بالعلم والبحث العلمي، بالاصافة لرياديتها في مجال الصناعات الثقيلة القادرة على الإسهام في التصدير، فـ(نابكو) تمتلك طاقة إنتاجية تصل إلى 6000 طن متري تخضع لمراقبة لصيقة وفحص مخبري داخلي دقيق قادر على اكتشاف اقل خلل وتداركه”.
ويظل الالتزام بالجودة هاجس نابكو التي يحتفظ مديرها العام بعدد من أهم الشهادات التي تؤكد ما انتهت اليه. وبعد ان انتقلت (نابكو) باتجاه عجلة التطور من مرحلة ضبط الجودة التقليدي إلى تأسيس وتشغيل قسم تأكيد الجودة، لضمان إدارة الجودة الشاملة في جميع المراحل الإنتاجية، و(نابكو) مسلحة في ذلك بكافة الأجهزة، وملتزمة بالمواصفات القياسية. وتتميز منتجات نابكو بخاصية العزل الحراري، وقد حصلت على شهادة المواصفات العالمية للنظم الإداريةCertified QMS – ISO9000 وعلامة الجودة الفلسطينية PS،وهي ما زالت تسابق عجلة التطور في مجال النظم المتكاملة والاستثمار في الكوادر البشرية. وانطلاقا من أهداف نابكو، واستراتيجيتها تجاه البيئة، أعادت الشركة تأهيل وتطوير وحدة معالجة المياه العادمة الناتجة عن عمليات التصنيع لتواكب آخر التطورات التكنولوجية في مجال
“Waste-Water Treatment Plant”.
 انجازات (نابكو) تكللت مؤخرا،  نهاية تشرين الثاني 2011، بإدراج سهمها في بورصة فلسطين تحت رمز NAPCO، وهي بذلك عبرت محطة مهمة في مسيرتها نحو الحوكمة والتميز.
والآن، تسير (نابكو) بخطى واثقة لتصبح المصدر الرئيسي للحلول المتكاملة في مجال صناعة  الألمنيوم في فلسطين، وهي تجاري التطور لتحقيق معادلة الدقة والمتانة والاستجابة للمتطلبات الهندسية والمعمارية والفنية، وصداقة البيئة.

يعرض م. عنبتاوي اكسسوات مميزة من استيراد (نابكو)، وكأنه يقول ان الجمال طرف آخر للمعادلة، تبدع فيه (نابكو)، وعينها على مزيد من النجاح.